في خطوة دبلوماسية وُصفت بـ"الهامة"، أعلنت المملكة المتحدة عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب كحل للنزاع حول الصحراء المغربية، وهو ما اعتبره مراقبون تحولاً نوعياً في موقف لندن إزاء هذا الملف الإقليمي.
وجاء هذا الموقف خلال مؤتمر صحفي مشترك عُقد الأحد في الرباط، جمع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره البريطاني ديفيد لامي، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى المغرب في إطار الجولة الخامسة من الحوار الاستراتيجي بين البلدين.
وأكد بوريطة أن تأييد بريطانيا لمبادرة الحكم الذاتي يشكل "تطوراً مهماً" بالنظر إلى أن لندن عضو دائم في مجلس الأمن وأحد أعضاء مجموعة أصدقاء الصحراء بالأمم المتحدة، مشيراً إلى أن هذا الانضمام إلى الموقف المؤيد للمبادرة المغربية—كما هو الحال مع الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا—يعزز الزخم الدولي حول الحل المغربي.
وأوضح الوزير المغربي أن الاعتراف البريطاني بمبادرة الحكم الذاتي كأساس "واقعي وبراغماتي" لتسوية النزاع يعزز الدينامية الإيجابية حول القضية الوطنية ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي، خاصة من خلال دعم مؤسسة "UK Export Finance" لمشاريع تنموية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
من جهته، شدد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي على أهمية الظرفية الحالية، واصفاً إياها بـ"الفرصة الحاسمة" لدفع العملية السياسية نحو حل نهائي. وأكد أن بلاده ترى في المبادرة المغربية التي طُرحت عام 2007 "الحل الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق واستدامة"، داعياً جميع الأطراف إلى الانخراط بشكل "إيجابي وعاجل" في المسار السياسي الأممي.
وقد خلُصت المباحثات الثنائية إلى توقيع بيان مشترك أكد فيه الطرفان ضرورة المضي قدماً في هذا الملف، مع التزام بريطانيا بتفعيل موقفها الجديد على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية.
ووصفت الزيارة بأنها "تاريخية"، كونها الأولى لوزير خارجية بريطاني إلى المغرب منذ عام 2011، وشهدت التوقيع على أربع اتفاقيات تعاون ثنائية تشمل الاستثمار، والتعليم، والبحث العلمي، والتعاون الأمني، وسط توقعات بتوقيع اتفاقيات إضافية خلال الأيام المقبلة.
وفي سياق متصل، استقبل رئيس مجلس النواب المغربي، راشيد الطالبي العلمي، يوم الاثنين وفداً برلمانياً بريطانياً يضم أعضاء من مجلسي العموم واللوردات. وتم خلال اللقاء الترحيب بالموقف البريطاني الجديد، الذي وُصف بأنه "الأكثر واقعية ومصداقية" لتسوية النزاع، في حين أعرب رئيس المجموعة البريطانية بالاتحاد البرلماني الدولي، فابيان هاميلتون، عن تفاؤله بمستقبل العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى أن "العلاقات المغربية البريطانية لم تكن يوماً بهذه القوة والوعود الواعدة".
وأشار هاميلتون إلى أن ثلاثاً من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن تدعم حالياً المبادرة المغربية، معتبراً أن هذا التطور يفتح المجال لتعزيز التعاون في قطاعات استراتيجية.
كما أعرب عدد من الشخصيات البرلمانية في بريطانيا عن ترحيبهم بالموقف الرسمي الجديد، من بينهم أندرو موريسون، الوزير السابق في وزارة الدفاع، الذي شدد على أن دعم لندن للمبادرة المغربية يشكل رافعة استراتيجية لتوسيع التعاون الثنائي في مجالات الطاقة، والتجارة، والأمن.
وتستمر زيارة الوفد البرلماني البريطاني إلى المغرب حتى الخامس من يونيو الجاري، وسط توقعات بمزيد من التقارب والتعاون بين المملكتين في مختلف المجالات.